الكثير من الأمهات يشتكين من شدة عصبية أطفالهن وما يتبعها من صراخ وبكاء مستمر لسبب أو بدون سبب، فضلًا عن مص أصابعهم وقضم أظافرهم وتحريك أفواههم ورِقابهم مع هز أرجلهم هزات سريعة.. ليس ذلك فحسب، بل كثيرًا ما يتشاجرون مع أقرانهم بعنف ويؤذونهم بالضرب والشتم، الأمر الذي يرهق هؤلاء الأمهات جدًا، ويجعلهن دومًا يشعرن حياله باليأس والعجز عن مساعدتهم في التخلص من هذه العصبية المفرطة التي لو إستمرت لأثرت سلبًا على صحتهم العضوية والنفسية، وتسببت في فشلهم إجتماعيًا وعدم قدرتهم على تكوين علاقات وصداقات ناجحة في المستقبل..
مما لا ريب فيه أن الطفل يولد بلا سلوك أو قيم أو أفكار، وإنما يعتمد على إكتسابها من أسرته فهي البيئة الأولى التي تحتضنه وترعاه وتشكل شخصيته ووعيه وأخلاقه..
¤ أسباب عصبية الأطفال:
=أولًا: أسباب عضوية -مَرضية- مثل:
ـ إضطرابات الغدَّة الدرقية.
ـ إضطرابات سوء الهضم.
ـ مرض الصرع.
وفي حال وجود سبب عضوي لابد من إصطحاب الطفل إلى الطبيب المختص لمعالجته منه.
=ثانيًا: أسباب نفسية وإجتماعية وتربوية: ومن أهمها:
ـ إتصاف الوالدين أو أحدهما بالعصبية، ما يجعل الطفل يقلد هذا السلوك الذي يراه أمام عينيه صباح مساء.
ـ إفتقاد الطفل الحنان والدفء العاطفي داخل أسرته.
ـ عدم إشباع حاجات ورغبات الطفل المنطقية والمعتدلة.
ـ القسوة والغلظة في تربية الأطفال، سواء بالضرب أو السب، أو عدم تقبل الطفل وتقديره، أو تعنيفه لأتفه الأسباب.
ـ الإسراف في تدليل الطفل مما يربي لديه الأنانية وحب الذات، ويجعله يثور عند عدم تحقيق رغباته.
ـ التفريق بين الأطفال في المعاملة داخل الأسرة، سواء الذكور أو الإناث، الكبار أو الصغار.
ـ مشاهدة التلفاز بكثرة وخاصة الأفلام والمشاهد التي تحوي عنفا وإثارة، بما في ذلك أفلام الرسوم المتحركة.
¤ علاج العصبية عند الأطفال:
1) توفير جو هادئ آمن للطفل داخل البيت وإشعاره بالحنان والتقدير والحب، وتوفير الألعاب والوسائل التي ترضي ميوله ورغباته وهواياته، إضافة إلى البعد عن القسوة والعنف في التعامل معه سواء بالضرب أو السب لأن الطفل يكتسب العصبية عندما يعيش في بيت صاخب مزعج، يفتقد أفراده أدب الحوار والخلاف، فيصبح التوتر فيه دائمًا هو سيد الموقف.
2) البعد عن الإسراف في تدليل الطفل وتلبية رغباته دائما وأبدا حتى لا يصير أنانيًا لا يحب إلا ذاته، ولا يريد إلا تحقيق مطالبه وقتما يريد.
3) عدم التفريق بين الأبناء في المعاملة أو تفضيل الذكور على الإناث، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، في الحديث الذي يرويه البخاري عن عامر قال سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول: أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله قال: «أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟»، قال لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»، قال: فرجع فرد عطيته.
4) منح الطفل شيئا من الحرية، لاسيما فيما يتعلق بشراء ألعابه أو ملابسه، وعدم التدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤونه، لأن هذا يخلق جوا من القلق والتوتر بين الطفل ووالديه.
5) إتباع أسلوب النقاش والحوار والإقناع مع الطفل العصبي بدلا من الصراخ في وجهه حيث إن ذلك لن يجدي معه، بل على العكس سيزيده عصبية وعدوانية.
6) تعزيز السلوك الإيجابي للطفل سواء بالمكافآت المادية أو بالتحفيز المعنوي عن طريق إطلاق عبارات المدح والثناء.
7) إتاحة الفرصة للطفل في ممارسة نشاطه الاجتماعي مع الأطفال الآخرين، وعدم الإفراط في الخوف على الطفل.
8) مراقبة ما يشاهده الطفل في التلفاز، وعدم السماح له برؤية المشاهد التي تحوي عنفا أو إثارة.
وأخيرا.. على كل أم أن تحرص على ألا يفارق القرآن الكريم بيتها، لأن الطفل عندما ينشأ على سماع القرآن بإستمرار في البيت، تطمئن وترتاح نفسه، وتهدأ أعصابه، ويُشفى صدره، ويسعَد قلبه.
الكاتب: هناء المداح.
المصدر: موقع رسالة المرأة.